كوريا الجنوبية تدرس تقديم تنازلات لإبرام اتفاق تجاري مع أمريكا
- وكالات أنباء
- الثلاثاء 22 يوليو 2025 -02:48
تعتزم كوريا الجنوبية عقد محادثات تجارية رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة في 25 يوليو الجاري، في إطار مساعيها لتسريع الجهود الرامية لتجنب فرض رسوم جمركية شاملة من خلال النظر في تنازلات سياسية حساسة قد تعيد تشكيل العلاقات بين البلدين الحليفين، بحسب "بلومبرغ".
سيجتمع وزير المالية كو يون تشيول ووزير التجارة يو هان كو بنظيريهما الأمريكيين، وزير الخزانة سكوت بيسنت وممثل التجارة جيميسون غرير، في إطار ما يُسمى بصيغة "2+2" في واشنطن، حسبما أفاد كو للصحفيين يوم الثلاثاء.
تستعد سيؤول لدفعة دبلوماسية في الأيام الأخيرة التي تسبق الأول من أغسطس، وهو الموعد المقرر لبدء تطبيق الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترمب والبالغة 25%. ومن المتوقع أن يسافر وزيرا الخارجية والصناعة الكوريان الجنوبيان إلى الولايات المتحدة بشكل منفصل هذا الأسبوع، بينما غادر مستشار الأمن القومي وي سونغ لاك مؤخراً إلى الولايات المتحدة في رحلته الثانية خلال أقل من أسبوعين.
سبق أن تناول وزير التجارة يو التحديات التي قد تتطلبها التنازلات لحماية المصالح الاستراتيجية والاقتصادية الأوسع لكوريا الجنوبية. ورغم عدم تقديم عرض رسمي بعد، فإن التنازلات الزراعية برزت كأحد الخيارات القليلة التي يتم النظر فيها. كما أثارت محاولات سابقة لفتح سوق لحوم البقر احتجاجات على مستوى البلاد، وأي تغيير في سياسة الأرز قد يواجه مقاومة أكبر.
استراتيجيات كوريا للحفاظ على مصالحها الاقتصادية
قال يو للصحفيين الأسبوع الماضي: "علينا اتخاذ قرارات استراتيجية، وحماية ما يجب حمايته، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً ما يمكننا تقديمه ضمن السياق الأوسع للمحادثات".
تعتبر نتائج هذه المفاوضات حاسمة لكوريا الجنوبية، حيث شكلت الصادرات أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي. وباعتبارها مُصدراً رئيسياً لأشباه الموصلات والهواتف الذكية والسيارات والبطاريات، فإن أي اضطراب في شحنات كوريا قد يؤثر بشكل كبير على سلاسل التوريد العالمية. كما أن كوريا الجنوبية تمتلك أكبر فائض تجاري مع الولايات المتحدة، ويعزز هذا الفائض زيادة صادراتها إلى أكبر اقتصاد في العالم.
ولتعزيز موقفها التفاوضي، تستكشف سيؤول أيضاً المشاركة في مشروع غاز ألاسكا المدعوم من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التعاون المحتمل في بناء السفن، وتنشيط الصناعات، وإجراء تغييرات تنظيمية لتحسين وصول شركات التكنولوجيا الأميركية إلى السوق الكورية.
يُعد تقاسم الأعباء الدفاعية نقطة حساسة أخرى. فلطالما حث ترمب حلفائه على زيادة مساهماتهم المالية لاستضافة القوات الأميركية، ويُمكن أن تُسهم زيادة طفيفة في حصة كوريا في تخفيف حدة التوترات في المحادثات الأوسع.
وحتى الآن، دافع لي عن الالتزام باتفاقية تقاسم التكاليف لخمس سنوات التي تم التوصل إليها في أكتوبر الماضي، رغم أن فريقه أجرى محادثات مع نظرائهم الأمريكيين بشأن هذا الموضوع.
مع ذلك، تظل حماية الصناعات الثقيلة في كوريا أولوية قصوى. تمثل السيارات أكثر من ربع صادرات كوريا إلى الولايات المتحدة، ويواجه صانع السيارات الكوري "هيونداي موتور" مخاطر كبيرة نتيجة اعتماده على الإنتاج المحلي، رغم التزامات الاستثمار الأميركية الأخيرة.
قطاع الأدوية وأشباه الموصلات تحت الضغط
في الوقت الحالي، يُكثف ترمب الضغط على قطاعات كانت تعتبر أقل تأثراً في السابق، مثل أشباه الموصلات والأدوية. وقد أشار إلى أن الرسوم الجمركية على الأدوية والرقائق الإلكترونية قد تبدأ في أوائل أغسطس، وقد تٌفرض هذه الرسوم جنباً إلى جنب مع الرسوم المتبادلة الأعلى.
قد يمتد تأثير هذه الرسوم الجديدة ليشمل نطاقات واسعة. شركات الأدوية الكورية مثل "سيلتريون" (Celltrion) و"إس كيه بيوفارماسيوتيكالز" (SK Biopharmaceuticals) من بين الشركات التي عبرت عن قلقها حيال هذا الإجراء، في حين أن الرسوم المقترحة على أشباه الموصلات قد تؤثر على المكونات بالإضافة إلى المنتجات النهائية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة من "سامسونغ إلكترونيكس" (Samsung Electronics).
على الرغم من أن بعض المحللين يتوقعون أن تفضل واشنطن في النهاية الحوافز الاستثمارية أو حصص الاستيراد في هذه القطاعات، فإن خطر فرض رسوم جمركية مباشرة يتزايد. العديد من الشركات الكورية قد أسست مشاريع مشتركة في الولايات المتحدة، خاصة في قطاعي السيارات والبطاريات، لكن سلاسل التوريد الأساسية لا تزال متجذرة في كوريا.
بعد زيارتين إلى واشنطن منذ يونيو، أكد وزير التجارة يو أن المحادثات يجب ألا تُعتبر لعبة محصلتها صفر، داعياً إلى التوصل لنتيجة "إيجابية" يخرج فيها الجانبان بمكاسب متبادلة من خلال تعاون أعمق في المجالات الصناعية والتنظيمية.
مع ذلك، تتزايد الشكوك مع قرب الموعد النهائي وتزايد التحديات المتعلقة بالتنسيق بين الوزارات الكورية.
وفي هذا السياق، قال بارك سانغ هيون، الاقتصادي في "آي إم سيكيورتيز" (iM Securities): "من خلال ما نراه، هذه ليست مفاوضات بقدر ما هي مطلب أحادي الجانب. في أفضل الأحوال، قد نتمكن من خفض نسبة الـ25% المقترحة إلى أقل من 20%، لكن فكرة تجنب الرسوم القطاعية تماماً تبدو مستبعدة".