ماذا يحتاج الاصلاح الاقتصادي الفترة القادمة ؟
الأربعاء 02 أكتوبر 2019 -01:37
لا شك أن مدى قدرة الاقتصاد القومي على تحمل الأعباء المالية للنفقات العامة دون الإضرار بمستوى معيشة الأفراد أو القدرة الإنتاجية يعتبر من المؤشرات الهامة لمدى كفاءة وفعالية استخدام الموارد الحكومية في إنتاج وتقديم الخدمات التي يحتاجها الشعب.
يقصد بالنفقة العامة هي مبلغ نقدي تدفعه الدولة كثمن للسلع والخدمات لتسيير المرافق العامة وثمناً لرؤوس الأموال الإنتاجية التي تحتاجها المشروعات العامـة وكذلك منـح المساعـدات والإعانـات المختلفـة مـن اقتصاديـة، واجتماعية وغيرها. وبالتالي لا تعتبر الوسائل غير النقدية مثل المزايا العينية كالسكن المجاني، والإعفاء من الضرائب، وغيرها من قبيل النفقات العامة.
فالنفقة العامة يجب أن تقوم بها جهة تمثل الدولة أو تستمد منها السلطة العامة أما النفقات التي ينفقها الشخص الطبيعي (الفرد) أو الاعتباري (الشركة) فلا تعتبر نفقة عامة ولو كانت تهدف إلى تحقيق نفع عام، مثل مستشفيات، مساجد، وغيرها.
الغرض من النفقة العامة أساسا هو إشباع الحاجات العامة وتحقيق النفع العام وبالتالي يجب أن تحقق النفقة العامة المساواة بين الأفراد من خلال إشباع حاجات المجتمع بشكل عام، وليس فئات معينة. المبالغ الذي تدفعها الدولـة مقابل الحصول على السلع والخدمات تسمى بالنفقة الحقيقية مثل رواتب الموظفين، إيجارات، شراء سلع وخدمات ،إنشاءات جديدة، والصيانة والإصلاحات الرئيسية، أما المبالغ التي تدفعها الدولة دون الحصول على سلع وخدمات من المستفيدين منها تسمى بالنفقة التحويلية فهي تهدف إلى معالجة مشاكل اجتماعية (طلاق-بطالة-عجز-مرض-...الخ)، أو تقلبات اقتصادية (ركود-ارتفاع الأسعار-....) للمستفيدين،
وبالتالي النفقات التحويلية تعتبر جزء هام من أدوات السياسة المالية لتحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية (خفض تكاليف المعيشة للمستهلك -زيادة الدخل النقدي للأفراد كالمعاشات والمساعدات المالية-- أقساط والفوائد الدين العام-إعانات لموظفي الدولة-إعانات تمنح للمشروعات لزيادة الإنتاج والأرباح، أو خفض التكاليف) وهى تمثل جزء كبيرا من الإنفاق العام.
, حيث أن الإنفاق في موازنة 2013/2014 يتكون من الإنفاق الاستثماري بقيمة 21.7 مليار جنيه منها 19.7 مليارا لتمويل عدد من المشروعات التنموية المتفق عليها مع الجانب الإماراتي طبقا للاتفاق الموقع بين البلدين وملياري جنيه لمشروع تنمية محور قناة السويس باعتباره من أهم المشروعات الاستثمارية القومية لمصر. وبالنسبة للجزء الآخر والبالغ نحو 12 مليار جنيه يتمثل في الإنفاق على برامج البعد الاجتماعي ، وهى تمويل تطبيق الحد الأدنى للأجور وتحسين كادر المعلمين ومواجهة العجز في مخصصات برنامج الضمان الاجتماعي في ظل الفكر الرأسمالي يقتصر دور الدولة على القيام بوظائفها التقليدية (الإدارة والرقابة) أما في ظل الفكر الاشتراكي تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي (الملكية والإنتاج).
وبذلك أصبحت النفقات العامة من أدواة السياسة الاقتصادية والاجتماعية. النفقات العامة تؤثر على النشاط الاجتماعي حيث أن هناك نفقات تخصص لإنتاج سلع وخدمات، وتشمل المرافق العامة مثل الصحة والتعليم والإسكان. وتهدف إلى تكوين رأس المال البشري، وهذا يساهم بشكل مباشر في زيادة الناتج القومي ،وهناك نفقات تخصص للإعانات الاجتماعية وتعطى للطبقات الفقيرة في حالات المرض أو الشيخوخة أو البطالة، وهي تقع ضمن برامج التأمين الاجتماعي وتؤثر بشكل غير مباشر في زيادة الناتج القومي.

النفقات العامة تؤثرأيضاًعلى النشاط الاقتصادي ولها دور كبير في رسم السياسة الاقتصادية في حالات الركود والانتعاش الاقتصادي ، بمعنى أن ترتفع النفقات في فترات الركود من خلال زيادة الإعانات الاجتماعية والاقتصادية، ومن خلال برامج التحفيز الاقتصادي وتنخفض في فترات الانتعاش لخفض الطلب الكلي وتقليل مخاطر التضخم ، لذا يجب أن يكون مستوى النفقات العامة متوافقا بصورة عكسية مع مستوى النشاط الاقتصادي.

وهنا يجب التأكيد أن زيادة حجم النفقات قد تكون زيادة ظاهرية ولا تعكس بالضرورة زيادة في المنفعة الحقيقية للخدمات العامة ولكن يزيد حجم الإنفاق لأسباب كثيرة منها انخفاض قيمة العملة وتدهور قوتها الشرائية ، مما يستلزم إنفاق مبالغ أكبر للحصول على نفس المستوى من السلع والخدمات العامة فتكون الزيادة ظاهرية لأنه لا يترتب عليها زيادة في القيمة الحقيقية للمنفعة العامة. فمثلاً إذا ما قررت الدولة إنشاء مناطق جديدة نظراً لزيادة عدد السكان حيث تصاحب هذا القرار زيادة في النفقات العامة، وهنا تكون هذه الزيادة ظاهرية أيضاً بالنسبة للسكان الأصليين لأنه لا يترتب عليها زيادة في القيمة الحقيقية للمنفعة العامة.

وقد تكون زيادة حجم الإنفاق زيادة حقيقية من خلال التوسع الحقيقي في الإنفاق العام لتحقيق أهداف اقتصادية مثل وزيادة الدخل القومي، والتوسع في إقامة المشاريع التنموية الجديدة، وتقديم الإعانات الاقتصادية للمشروعات لخفض تكاليفها. سياسات الإصلاح الاقتصادي فى مصر أصبحت ضرورة وتحتاج الى وجود رؤيه مرتبطة بسياسات واضحة تتحدد فيها الأهداف من خلال البرامج المرتبطة بتلك السياسات، فكون ان الموازنات العامة هي خطط توضح التوجهات العامة للانفاق والنشاط الاقتصادي للفترة المقبلة لذا يجب على الإرادة السياسية أن تكون مستندة الى رؤيا اقتصادية حقيقية ومرتبطة ببرامج الإصلاح المستند إلى الرغبة الاجتماعية الملحة في التغيير والتطور وإعادة الهيكلة وتنشيط القطاعات الاقتصادية وتحفيز نشاط السوق وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين .

حيث يجب على وزير المالية أن يكون لدية القدرة على عمل توازن بين زيادة الإنفاق العام والموارد المتاحة ، حيث أن غياب هذا التوازن يؤدى لآثار سلبية على عجز الموازنة وبالتالي تزايد الدين العام بآثاره السلبية على حركة الأسعار وزيادة معدلات التضخم التي تضر بصورة مباشرة بأوضاع الفئات ذات الدخل الثابت وهم الأولى بالرعاية. إن الموازنة العامة بشكل عام تعتبر من العوامل الرئيسة لأي انجازات أو عقبات تحول دون تطوير الأداء في القطاع العام، كما تعد الموازنة أداة رئيسه للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشكل رافدا أساسيا في تعزيز الجهد التنموي وتلمس الاحتياجات وأولويات التنمية، خاصة أنها تجتهد لإعطاء فكرة موسعة عن جميع الإيرادات والنفقات الحكومية لذا يجب العمل على الحد من آثار ظاهرة تزايد النفقات العامة من خلال البحث عن مصادر جديدة للإيرادات وترشيد وضبط النفقات والحد من التضخم والترهل في الهيكل الوظيفي للدولة. وفى نفس الوقت البحث عن طرق غير تقليدية في الاستخدام الأمثل للموارد المالية المتاحة بكل كفاية وفعالية واقتصاد. بقلم جميل محمد خبير الاستثمار والاقتصاد

تعليقات القراء

أضف تعليق
الأسم
البريد الألكنرونى
التعليق

تعليقات الفيس بوك

أحدث الاخبـــار

الأكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الرأى الإقتصادى 2015